النفاق الاجتماعي: الذكاء التافه للجبناء ،،،،

يخلط الكثير من الناس بين مهارة الذكاء الاجتماعي وآفة النفاق الاجتماعي، لدرجة اعتبارهما وجهين لعملة واحدة، وهذا خطأ شائع يحرم معتقديه من تطوير تلك المهارة لصالح تطوير آفة النفاق الاجتماعي؛ تلك الآفة النفسية الاجتماعية التي أنهكت الجسد العربي وأرهقت عقله وشرذمت طاقاته على حساب الكرامة الإنسانية :رأس مال الإنسان. 
النفاق الاجتماعي يعني التلون،


 فيبدي الشخص رأيا خلافا لقناعاته، ويستخدم (الماسك) المناسب حسب الموقف لتحقيق منفعة ذاتية قصيرة المدى على حساب القيم والمبادئ والمعايير الأخلاقية،



 فهو يعكس بذلك مظهراً سلوكياً منحرفاً عن شخصية الانسان العربي السوية. بمعنى آخر تغليب المصلحة الذاتية على المصلحة العامة. 
تتفشّى آفة النفاق الاجتماعي بشكل مّطّرد عند الشعور (بالدونية)، فيعرّف الشخص نفسه من خلال الآخر (المهم)، للتخلص من عقدة التفوق ولإشباع منفعة شخصية، وفي حالات نادرة يستخدم النفاق الاجتماعي كنتيجة للحاجة النابعة من حالة الفقر أو قلة الحيلة في ظل غياب العدالة الاجتماعية والقانونية. ويؤدي تفشّي تلك الآفة الى العيش في (ماسوشية) فردية كنتيجة حتمية (لسادية) مجتمعية، الأمر الذي يجعل مسلسل التخلف هو الأبرز في فضاء المجتمع العربي، فيزلزل الاستقرار المجتمعي ويمزق النسيج الاجتماعي، فيقود الى سيادة العنف بجميع أشكاله، والى انتشار آفة البغض، والكراهية، والنميمة، والحقد، والحسد، والشعوذة والسحر، واغتيال الشخصية، وتمسيح الجوخ، وتغيير المبادىء، وشراء الذمم للحصول على مآرب، وشراء الودّ عند الحاجة لتحقيق مصلحة او الاستحواذ على منصب،، وغيرها من الآفات النفسية الاجتماعية التي تنخر الكيان المجتمعي حدّ التسوس. 
ومن أهم تجليات النفاق الاجتماعي هو السكوت عن الخطأ، والتملّق لنيل الرضى خوفاً من الفقدان والخسارة لمن هم في مواقع السلطة وصنع القرار: سواءً في العائلة، أو في العمل، أو في الدولة. فيطغى المديح بصفات مغايرة للحقيقة على الرغم من تعدد الأخطاء والسلبيات وهزالة التفكير مما يغذّي النرجسية لديه أو لديها لتصل الى حدّ الإيذاء للآخرين دون توقف أو وعي. حيث يحيط بالمسؤول أو المشهور شرذمة من المنافقين يمطرونه بوابل من المديح الممجوج يوصله لدرجة من التجلّي فيتوهّم بأنه (سيد البلاد والعباد)، ومعبود الجماهير، وبأنه معصوم من الخطأ.


 الأمر الذي يورطه في سرداب التعالي والتكبر على مرؤوسيه ويسرف في سياساته الفاشلة، ويزيده ذلك تجبّراً وطمأنينة في الوقت نفسه؛ بأن معارضيه هم الأقلية من المنافسين والحسّاد له على ما وهبه الله من تلك النعمة، وهو الدافع الرئيس لتقريب الأذناب من المناصب العالية لضمان صونها من شوائب الأقلية، على اعتبار أن الأكثرية هم الأحباب والمصفقين والمطأطئين رؤوسهم لأصحاب السلطة والقوة والشهرة والجاه والمال، فيودي هؤلاء بالمجتمع الى الهاوية. وهذه القاعدة الشاذة للارتقاء عبر النفاق الاجتماعي تنطبق على كل المجاميع صغيرها وكبيرها ابتداءً من مؤسسة العائلة، مرورا بمؤسسات المجتمع المختلفة، وصعودا الى مؤسسة الدولة مع العلم أن قاعدة الهرم تدبّ فيها هذه الآفة ربما أكثر من قمته.
وقد صدق الغزالي عندما قال :"ذو اللسانين من يتردّد بين متعاديين، ويكلّم كلاً بما يوافقه، وقلّ من يتردّد بين متعاديين إلاّ وهو بهذه الصفة، وهذا عين النفاق".
والحذر الحذر من الخيط الرفيع ما بين النفاق والذكاء، فلا خير في ودّ امرئ متقلبٍ اذا الريح مالت مال حيث تميلُ، هذا هو الودّ الذي لا يجلب الفائدة وليس منه فضيلة زائدة.

منقول 


*************************************************

طالع ايضا : 
العروشية و سوء استعمال السلطة امراض خبيثة تدمر الامة، ينبغي على الجيل الصاعد استئصالها

تعليقات

المشاركات الشائعة

القانون ينصّ على تعليق العلم الوطني فوق مقرات البنايات التي تؤوي مصالح الهيآت ذات السيادة: التقسيمية الفلاحية لدائرة عين كرمس بتيارت لم يعلق فيها العلم الوطني

عين كرمس انفو تنفرد و تنشر دليل ولاية تيارت الماخوذ من دليل الجمهورية